السبت، 17 سبتمبر 2011


قهـــــــوتــــــي  .....
             شغف وحب     
                        لا ينتهي

من لا يحب القهوة ذلك السائل الأسود ذو الرائحة النفاذة يسحرنا وينزعنا من عالمنا في لحظات نحسبها دهراً...من يقاومها؟؟ ولا يدخل عالمها الخيالي ولو للحظات.
أعشقها وهي ممزوجة بالهال في صباح ربيعي دافئ ،أو شتوي أعشقها وهي تغوي ذاكرتي وتتغلغل لعمق الذكريات وتجتر كل الأحداث من حياتي تتغلغل رائحتها كطفل عابث بأوراق حياتي لتخرج أحلى الذكريات  وأيام أحلى من الشهد .
رائحتها تذكرني بجدتي الحبيبة(رحِمها الله) بتلك العجوز الطيبة التي نقش الزمن على وجهها حكاياته ولسان لا يمل ذكر الله ويديها الحانيتين تجمع فيهما حنان العالم وهما تحملان صينية القهوة في الصباح الباكر ورائحتها تملاء البيت كبخُور العيد... صورتها دائما معي في ذاكرتي يدها اليمنى تحمل فنجان قهوة ترتشفه ببطء والأخرى تحمل المسبحة وأشعة الشمس تخترق  نافذة غرفتها بدِعة ودفء.
رائحتها ترجعني لطفولتي ولأمي الحبيبة ورائحة الهال المطحون تعبق المطبخ ..وأتذكر تصرفاتي الصبيانية وأنا أرتشف خلسة من فنجانها وأتلذذ بطعمه المر وكيف توبخني لأني صغيرة لا أعتقد بأنها توقعت بأني سأدمنها بجنون.
تذكرني بالمدرسة بالامتحانات وكيف كنت أقنع نفسي بالسهر بشربها فنجان وراء أخر دون أن انتبه بأنها تسحرُني وتأخذني إلى عالم وهمي يأسرُني فيه سلطان النوم الخفي ،وأجد نفسي متوسدة دفاتري وأصحو على موعد المدرسة متأخرة لأعنة اليوم الذي قررت فيه السهر وشرب القهوة.
تذكرني رائحتها  بتفاصيل صغيرة شكلتني  لإكون أنـــــــــــــــا ولا أحد سواي.
تذكرني بالأمنيات التي جمعتني مع بنات الخالة والعمة حيث للمرح مساحة وللفرح ألف مساحة.
كنا نُبدع في أحلامنا الصغيرة كنا نجتمع في العطل المدرسية نبيت معاً صباحنا مع فنجان القهوة ومحصلة من حكايات خاصة بيننا لشتاء مضى وأحداث لها طعم أخر كان كل واحدة قادرة أن تخبئ سر الأخُرى..أسرار بريئة كنا نتسلى بها ونمرر بها الصيف الثقيل  وأضحك كثيراً كلما أتذكرها .
وفي الأمسيات الصيفية الحارة تجمعنا القهوة..وكأنها عرافة آتية من بلاد الغجر تجلس بيننا لتخبرنا عن المجهول والمُخبأ بين ثنايا تعرجات رواسبها  .. كل واحدة تقلب فنجانها توشوشه  وتتركه حتى  يرتسم ذلك المجهول ،خربشات، صور ،حروف ،وأرقام ، والبارعة بيننا من تجمعها وتفك طلاسمها.. وكنا نتسابق لنرى من تُخرج ذلك الوجه الضبابي لفارس أحلامها وكنا نتسابق ونتفنن في وصفه وكأنه ماثلاً أمامنا  كل واحدة تضع تصورها لشخصه الكريم على أمل أن يحقق الله لها الحلم حقيقة وليس خربشات قهوة ونفترق في نهاية الصيف على أمل أن تتحقق أحلامنا ونعود إلى مدارسنا وقد اختزلنا لحظاتنا الحلوة في فنجان قهوة كلما شربناها تخرج اللحظات وكأنها الآن .
فنجان القهوة يشاركنا الحياة بفرحها وحزنها يذكرنا بالرفقة  الطيبة ويذكرنا بفراق أحبائنا ..تذكرنا بالحياة والموت يرافقنا في مناسباتنا كالرفيق الذي لا يمل صاحبه و الحكايا في وجوده لها طعم أخر مرتدية طعم الحلاوة أو المرارة أو الأعتدال....
  كل الحكايا تشبه القهوة بطعمها وتفردها بالنكهة التي لا تنسى أبداً .
لذلك أعشقها ..لأنها جزء من ذاكرتي بل منسوجة مع كل خلاياها
شكلتني.. أمتزج معها فرحي، وحزني، صوري وكل الذكريـــــات
فمن يعشقها أكثر منـــــــــــــــــي؟؟

هناك تعليق واحد: